فصل: سنة سبع وخمسين وسبعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **


 سنة سبع وخمسين وسبعمائة

فيها ولى أويس بن الشيخ حسن بن أقبغا بن أيلكا لسطان بغداد بعد موت أبيه‏.‏

وولى كمال الدين أبو القاسم عمر بن الفخر بن عمرو عثمان بن هبة الله المعري قضاء القضاة الشافعية بحلب بعد وفاة نجم الدين محمد الزرعي‏.‏

وهجم على طرابلس الشام الفرنج في عدة شوانى وأفسدوا ثم عادوا‏.‏

ووقع حريق بمدينة دمشق فتلف منه عدة مواضع ظاهر باب الفرج منها ستمائة حانوت سوى البيوت عدم فيها ما تزيد قيمته على ألف الف درهم‏.‏

ثم وقع حريق آخر بالعقيبة - ثم حريق آخر بالصالحية وحريق أخر داخل باب الصغير مثل الحريق الذي بباب الفرج‏.‏

ثم وقع في أماكن أخرى من البلد‏.‏

واستولى الفرنج على صيدا وقتلوا وأسروا وقتل منهم أيضاً جماعة وعادوا‏.‏

وفي شهر ربيع الأول‏:‏ هبت بالقاهرة ومصر ريح غريبة من أول النهار إلى المغرب اصفر منها الجو ثم احمر ثم اسود‏.‏

واستمرت الريح إلى نصف الليل فسقطت عدة أماكن وامتلأت الأرض من تراب أصفر ثم أمطرت السماء وسكن الريح‏.‏وفيها كمل بناء مدرسة الأمير صرغتمش بجوار جامع أحمد بن طولون‏.‏

ورتب في تدريس الحنفية بها قوام الدين أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي أبو حنيفة الفارابي الأتقائي الحنفي وقرر عنده عدة من طلبة الحنفية وشرط أن يكونوا أفاقية وعمل بها درسا للحديث النبوي وحضر في يوم الثلاثاء تاسعه صرغتمش ومعه الأمراء والقضاة والمشايخ فألقى القوام الدرس ثم مد سماط جليل وملئت البركة سكرا مذابا فأكل الناس وشربوا ثم انفضوا‏.‏

وفيها يقول العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصايغ الحنفي‏:‏ ليهنك يا صرغتمش ما بنيته لأخراك في دنياك من حسن بنيان به يزدهي الرخيم كالزهر بهجة فلله من زهر ولله من بان وقال النقيب صلاح الدين صلاح بن الزين لبيكم الرفاعي‏:‏ صَرْغَتمش قد شاد يا حبذا مدرسة بديعة فائقة كأنها من حسنها جنة وقد غدت قبابها شاهقة وقد حكى رخامها روضة أزهارها من طيبها عابقة وقال الشهاب أحمد بن أبى حجلة‏:‏ وقد أنبت الترخيم في محرابها زاهراً كدر قلائد العقيان فكأنه كسرى أنو شروان قد وضعوا عليه التاج في الإيوان لو لم يبت وأبو حنيفة شيخها ماشبهت بشقائق النعمان حبر يطوف بمصر بحر علومه حتى كأن الناس في طوفان يثنى إليه العلم فضل زمانه وأبو حنيفتنا الإمام الثاني وفيها أمر بإحضار الشيخ جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن نباتة المصري من دمشق فقدم القاهرة فلم ينجح سعيه وأقام خاملاً‏.‏

وفيها وقع حريق عظيم ببلاد الساحل وأراضي كسروان من بلاد الشام عم من بلاد طرابلس إلى معاملة بيروت أتلف كثيراً من الوحش والأمتعة وشجر الزيتون‏.‏

وكان عجباً من العجب فإن ورقة من شجرة سقطت في بيت فاحترق جميع ما فيها واستمرت ثلاثة أيام ثم وقع مطرا فأطفاه‏.‏

وفيها عمرت مدينة عمان من البلقاء للأمير صَرْغَتمش ونقل إليها الولاية والقضاء من حسبان وجعلت أم تلك البلاد‏.‏

وهي بلد قديم من بناء عمان ابن أخي لوط بناها بعد هلاك قوم لوط‏.‏

وقيل هي مدينة دقيانوس الملك الذي أخرج منها أصحاب الكهف والرقيم هناك موضع وفيها ولى شيخنا الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي وكالة بيت المال بعد وفاة الشريف شرف الدين على نقيب الأشراف‏.‏

وولى نقابة الأشراف الشريف شهاب الدين بن أبي الركب‏.‏

ومات في هذه السنة من الأعيان ممن له ذكر شرف الدين أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم المناوي الشافعي في يوم الثلاثاء خامس شهر رجب ناب في الحكم بالقاهرة وتفقه وشارك في الحديث وأفتى ودرس وشرح فرائض الرسيط‏.‏

وتوفى كمال الدين أبو محمد وأبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن مهدي النشائي الشافعي في يوم الأحد حادي عشر صفر‏.‏

ومولده في أوائل ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وستمائة‏.‏

تفقه على أبيه وبرع ودرس بالجامع الخطيري ببولاق‏.‏

وهو أول من ولى خطابته وإمامته وتدريسه‏.‏

وصنف كتاب جامع المختصرات وكتاب المنتقى وعلق على التنبيه استدراكات‏.‏

ومات متملك بغداد الشيخ حسن بن حسين بن أقبغا بن أيلكان التتري سبط أرغون بن أبغا بن هولاكو وكانت مدته سبع عشرة سنة‏.‏

وتوفى الشريف شرف الدين أبو الحسن على بن حسين بن محمد الحسيني نقيب الأشراف ووكيل بيت المال ومحتسب القاهرة في ثالث عشر جمادى الآخرة‏.‏

مولده سنة إحدى وتسعين وستمائة‏.‏

حدث وتفقه للشافعي وقرأ النحو ودرس بالمشهد الحسيني والمدرسة الفخرية وكتب توضيح الحاوي وأقرأه بمكة في مجاورته سنة إحدى وخمسين‏.‏

وتوفي نجم الدين أبو عبد اللّه محمد بن فخر الدين عثمان بن أحمد بن عمرو بن محمد الزرعي الحلبي الفقيه الشافعي قاضي القضاة الشافعية بحلب‏.‏

فكانت مدته نحو ست سنين‏.‏

وكان فاضلاً ممدحاً أديباً ماهراً في النثر مع معرفة بالفقه والأصول والنحو‏.‏

سنة ثمان وخسمين وسبعمائة فيها قبض على ابن الزبير ناظر الدولة وعوقب حتى هلك‏.‏

وفى جمادى الآخر‏:‏ خلع على شمس الدين محمد ابن الصاحب مدرس الصاحبية والشريفية‏.‏

بمصر واستقر محتسب القاهرة بعد وفاة علاء الدين علي بن الأطروش‏.‏

واستقر شيخنا سراج الدين الهندي عوضه في قضاء العسكر‏.‏

وفي يوم الخميس ثامن شعبان‏:‏ وثب قطا وقجا - ويقال باي قجا - أحد المماليك السلاح دارية على الأمير شَيْخُو وهو بدار العدل وضربه بسيف ثلاث ضربات في رأسه ووجهه وذراعه فسقط وارتج المجلس‏.‏

وقام السلطان عن كرسي الملك إلى قصره في خاصكيته وتفرق الأمراء‏.‏

وطار الخبر بأن الأمير شيخو قتل فركب الأمير خليل ابن قوصون - ربيب شيخو ولبس آلة الحرب وساق في عدة وافرة إلى القلعة وصعدها‏.‏

بمن معه وهم ركاب إلى رحبة دار العدل‏.‏

وحمل شيخو على جنوية - على أنه قد مات - إلى إصطبله‏.‏

وركب العسكر جميعهم إلى تحت القلعة بالسلاح‏.‏

وركب الأمير صرغَتمش في عدة من الأمراء إلى الأمير شيخو فوجدوا به رمقاً فاعتذروا إليه مما وقع وأنه لم يكن يعلم السلطان وأنه قبض على الغريم وأمر بتسميره وتوسيطه‏.‏

ثم قاموا فسمر المذكور وطيف به على جمل ثم وسط بعد ما قرر فلم يقر على أحد‏.‏

وقال‏:‏ قدمت له قصة لينقلني من الجامكية إلى الإقطاع فلم يفعل فبقي في نفسي منه وركب السلطان من الغد لعيادة شَيْخُو وحلف له أنه لم يعلم‏.‏

بما جرى حتى وقع ثم عاد‏.‏

فمازال شيخو صاحب فراش حتى مات يوم الخميس خامس عشرين ذي القعدة ودفن من الغد بخانكاته وقبره بها وكان قد قارب الستين سنة‏.‏

وكان كثير المعروف وهو أول من قيل له الأمير الكبير بمصر‏.‏

وفي شعبان‏:‏ قدم رسل السلطان جانبك بن أزبك فركب العسكر من الأمراء والمماليك والمقدمين وأجناد الحلقة إلى لقائهم بالزي الفاخر‏.‏

وتمثلوا بين يدي السلطان وقدموا معهم من وفي هذا الشهر‏:‏ حملت جارية بدمشق من عتقاء الأمير تمر المهمندار قريباً من سبعين يوماً ثم طرحت أربعة عشر بنتاً وصبياً يعرف الذكر من الأنثى في نحو أربعين يوماً‏.‏

ولما مات شيخو قبض السلطان على الأمير خليل بن قوصون وغيره من أتباع شيخو فيهم الأمير قجا السلاح دار أمير شكار والأمير تقطاى الدوادار والأمير قطلوبغا الذهبي وأرغون الطرخاني فنفي بعضهم إلى الشام وسجن بعضهم بالإسكندرية وانفرد الأمير صرغتمش بتدبير الدولة‏.‏

وفي يوم الجمعة‏:‏ استقر الأمير تنكزبغا أمير مجلس والأمير أزدَمُر الخازندار أمير سلاح والأمير كشتمر القاسمي حاجب الحجاب والأمير علم دار دوادارا كبيراً‏.‏

وأنعم على يلبغا العمري الخاصكي بإمارة طبلخاناه وعلى مَنْكلى بُغا بإمرة طبلخاناه وعلى أيْدَمُر بإمرة طبلخاناه وعلى طَيبغا الطويل بإمر طبلخاناه‏.‏

واستقر قطب الدين ابن عرب في حسبة القاهرة بعد وفاة شمس الدين محمد ابن الصاحب فجأة وهو راكب على بغلته بين القصرين فسقط عنها فلا يدرى أمات فسقط أو سقط فمات‏.‏

واستقر تاج الدين بن الريشة في نظر الدولة‏.‏

ومات في هذه السنة من الأعيان قاضي قضاة الحنفية بدمشق نجم الدين أبو إسحاق إبراهيم بن العماد أبي الحسن علي ابن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم بن عبد الصمد الطرسوسي الحنفي عن أربعين سنة‏.‏

وكان مشكور السيرة صنف كتاب رفع الكلفة عن الأخوان في ذكر ما قدم القياس على الاستحسان وكتاب الاختلافات الواقعة في المصنفات وكتاب مناسك الحج - مطولاً - وكتاب محظورات الإحرام وكتاب الإشارات في ضبط المشكلات - عدة مجلدات - وكتاب الفتاوى في الفقه وكتاب الإعلام في مصطلح الشهود والحكام وكتاب الفوايد المنظومة في الفقه‏.‏

ومات شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد المحسن العسجدي الشافعي وقد قارب الثمانين‏.‏

ومات الأمير أرغون الكاملي بالقدس في تلك السنة أصله من مماليك الكامل شعبان بن الناصر محمد فترقى في الخدم حتى صار من أمراء الألوف وولى نيابة حلب ونيابة دمشق ثم قبض عليه وسجن ثم نفي إلى القدس فمات بها‏.‏

وتوفي الشيخ قوام الدين أبو حنيفة أمير بن كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي الفارابي الأتقاني في شوال ولى تدريس مشهد الإمام أبى حنيفة - رحمه الله تعالى - ببغداد ثم قدم إلى الشام فاستدعى منها إلى القاهرة واختص بالأمير صَرْغَتمش وعمل له درساً بجامع المارديني ثم وتوفى محب الدين أبو عبد اللّه محمود بن علاء الدين على بن إسماعيل بن يوسف القونوي الشافعي في يوم الأربعاء ثامن عشرين ربيع الآخر‏.‏

درس بالمدرسة الشريفية من القاهرة وبالجامع المارديني‏.‏

وشرح كتاب ابن الحاجب في الأصول وكتب تعليقه في الفقه وكتب إعتراضات على شرح الحاوي في الفقه لأبيه‏.‏

وتوفي علاء الدين أبو الحسن على بن محمد بن الأطروش الحنفي محتسب القاهرة وقاضي العسكر في تلك السنة‏.‏

حدث وكان فيه كرم وهو معدود من رجال الدنيا في معناه‏.‏

وله منازعات مع الضياء الشامي في نظر المارستان وحسبة القاهرة‏.‏

وكان يلي هذا مرة وهذا مرة‏.‏

وولى أولاً حسبة دمشق‏.‏

وكان أبوه يبيع السقط‏.‏